حسام ... وحسام ... أحلام وأوهام
إن من الظلم الفدَّاح ، والخلط القبَّاح وجريان الأمور على السداح مداح .. أن يسوى بين رجلين لا سبيل للمقارنة بينهما ، فحسام البدرى وحسام حسن لا تشابه بينهما سوى فى الاسم الأول فقط ، ولكن حين يقرن بين اسميهما فى مجال التدريب والإدارة الفنية ؛ فهنا تحتاج الأمور إلى نقطة نظام ، وترتيب الأوراق دون خلط أو تضليل وبغير تضخيم أو تهويل .
الكابتن حسام البدرى : ( المؤهل ) رفض كل العروض التى قدمت له للتدريب فى أى فريق آخر مفضلاً العمل فى النادى الأهلى ، فمجرد التدريب في النادى الأهلى شرف يفوق الإدارة الفنية لأى فريق مصرى أو عربى آخر ، وعمل مع مانويل جوزيه سنوات أعطى خلالها فى صمت وحكمة وإنكار تام للذات ، وعالج المشكلات الكثيرة فى حكمة قلما تتوافر الآن فى مجال كرة القدم ؛ فكان مثال الاتزان فى تصريحاته ، ونموذج الفن فى إدارة شئون الكرة ، والأمين على عقد الصلة بين مجلس الإدارة والفريق ، وتولى – وكان أهلاً للثقة – قيادة الفريق أثناء غياب الجنرال البرتغالى فى المباريات الأخيرة من عمر الدورى فى بعض المواسم المنصرمة تحمل خلالها الكثير من الانتقادات والاستفزازات فى صبر وافر وثبات ظافر ، ونجح نجاحًا منقطع النظير فى الجمع بين إدارة الكرة والتدريب ، وأهّله لذلك وفاؤه الفائق ، وذكاؤه الحاذق ، وكانت شخصيته المتزنة الحاسمة الهادئة كفيلة أن تنال ثقة مجلس الإدارة بعد أن اعتذر المهزوز ( فينجادا ) عن تدريب الفريق فى وقت رأى الجميع أن البدرى خير من يخلف مانويل جوزيه الأمر الذى كان صعبًا على الجماهير وأشبه بمن يبحث عن الركن فى دائرة .
رأى فيه مجلس الإدارة الواجهة المشرفة للنادى الأهلى وقيادة فريق البطولات وأكبر أندية الشرق الأوسط نجومية وشعبية وبطولات ، على أن يتولى إدارة الكرة الخلوقان خشبة والنحاس ، وكانت التوليفة السحرية لمجلس الإدارة التى ساندها الجمهور الواعى العبقرى الأهلاوى حتى صار البدرى – بدرى جدًا - بدر سطع فى سماء الدورى العام هذا الموسم هلالاً ، ثم اكتمل تمامه قبل أن ينتصف الدور الأول من عمر المسابقة متفوقًا على الجميع ومبهر بضوء التجديد وبريق الصدارة وحسن الفوز وجمال حصد النقاط جميع المحللين والمتابعين من الخبراء والإعلاميين والأول رغم كره الحاقدين.
أما حسام حسن : فتولى التدريب – دون تأهيل – وإنما هجم عليه هجومًا عشوائيًا لما لم يجد له مكانًا بين فرق الدورى التى طاف عليها لاهثًا وراء النقود والأضواء ، فلما فقد الأمل والترويج لنفسه بعد أن ختم حياته – الطويلة – غير مرغوب فيه من فريق الاتحاد الذى طالبه برد ما أخذه ، ووجد فيه الراحل سيد متولى – رحمه الله – شخصية ( الفتوة ) التى ستقود للفوز بإرهاب اللاعبين والحكام تحت اسم الروح القتالية والكثير من المسميات المغلوطة – فعالم التدريب - لا يعرف تلك الكلمة التى وجد فيها العميد المتقاعد مايتميز به ، ويستخف بعقول السذَّج والبسطاء من المشجعين ، فالأمور تحتاج إلى تأهيل - وهو أسهل مايكون – فكرة القدم أصبحت - منذ زمن بعيد عن الكثير - علمًا يخضع للتفكير المنطقى والحسابات العلمية الدقيقة والأخذ بأسباب التفوق ، واستمر التوءم ملاذ ( للواقعين) من الفرق يطلبانهما حين تشتد الأمور مقتنعين بسرهما (الباتع ) وقدرتهما على بعث الروح فى الأموات ، واستمر التوءم فى هذا المسلسل الهابط ، يوهم جمهور بورسعيد بالحب والوفاء وحين يفوز أمام الأهلى يعتبرها فرصة لتغييب عقول البسطاء ، وأنه ملهم أسباب الفوز دون غيره ، ولكن ما النتيجة ؟
ويهبط المصرية للاتصالات على يديه – فلو بقى – لاقتنع الناس فى كرامة التوءم ولكن سقوطهما ليس فيه أى لوم عليهما فهما يتوليان الأمور عادة (على آخر لحظة) ، وإذا كان التوءم العبقرى قد أبدع فى تدريب المصرية للاتصالات فلماذا سقط الفريق فى كل مباريات الدرجة الثانية ؟ ولماذا أقيل التوءم ؟
جاءت الفرصة التى ينتظرها التوءم – حتى الآن – أن يتولى فريقًا جماهيريًا حتى يمارسا هوايتهما وحبهما لذاتهما فى توجيه الرأى العام ، ليردد الجمهور اسمهما ويحققا حلمهما بتدريب المنتخب المصرى كما يصور لهما الطموح – أو قل الجموح وحب الذات – وبدءا فى ذلك منذ مهمة تولى التدريب فقد وعد العميد المتقاعد بـ 12 نقطة فى المباريات القادمة ليلتف حوله الجمهور الأبيض الذى يتمنى بصيصًا من الأمل ، وحين انهزم فى أول لقاء استطاع أن يدير الاتجاه نحو مشاركة اللاعب أحمد عيد عبد الملاك وأنها غير مشروعة وأن فريقه ظلم وسرق ، وغدًا سيكون الحكام ، وبعد غدٍ ستكون لجنة المسابقات واتحاد الكرة وربما أياد صهيونية تتعقب العميد لتوارى مواهبه .
فليتولى الأخ حسام حسن تدريب الزمالك أو أى فريق يشاء ولكن ينبغى ألا يتطاول وألا يتجاوز ، ففى واحدة من أسخف النكات التى جاء بها حين تولى التدريب وبكى أمام الجماهير البيضاء فى تمثيلية درامية مؤثرة : (( إن مباراة حرس الحدود بمثابة مباراة ودية قبل لقاء الأهلى )) ، وتصريح آخر عقب الهزيمة (( إنه متفائل بعد لقاء الحرس )) .
العبرة ليست بمباراة – لو فاز – العبرة بالآداء الذى يُقيَّم آخر فترة تدريبية ، ماذا قدمت للفريق ؟ وماذا تركت له ؟ وقبل كل ذلك ما مؤهلاتك ؟ وهل يشفع لك تاريخك بالتدريب ؟ فهل شفع التاريخ لتارديلى ؟ وهل ساند التاريخ مارادونا فى تدريب فريق الأرجنتين ؟
بإذن الله سيقول الحق كلمته ، و أن التأهيل والموهبة ( ومن قبلهما الوفاء وإنكار الذات ) العملة التى تروج فى سوق كرة القدم وسوق الرياضة المصرية .
فبإذن الله سيفوز الأهلى لأن البدرى ورجاله الأكثر إخلاصًا فى عملهم والأقرب إلى المنطق ، وإن كان ثمة روح عند المدير الفنى الهمام المدعو حسام ، فهى من النادى الأهلى الذى تربى فيه على روح الانتصارات ، وإن كان قد كذب هو ومن زعم أنه تحول بها إلى القلعة البيضاء يوم غادر – مرفوضًا– إليها فإن لقاء الستة الشهير شاهد على روح تعطلت وأوهام تبخرت ، وستتبخر من جديد أوهام التدريب وستتحطم روح الأنانية على صخرة الإصرار الحمراء وبيدى رجال أوفياء أسوياء وبعقل وتدبير رجل من خير الأمناء وسيبقى البدرى ورجاله رمز الوفاء .
(و إن غدًا لناظره قريب )
و بالبلدى كده ( الميّة تكدب الغطاس )
و بالبلدى كده ( الميّة تكدب الغطاس )
احمد مدحت
فاكهه وعين اعيان علوم المنصوره