(31)
فقالت ياسمين:ولا يهمك بكره بتتعود علّي.
فقال: الله يخليك تبطلي مزح ولا توخذي الامور باستهزاء...!
فقالت:انا ما بستهتر انا بتصرف على طبيعتي شو عملت اشي غلط...
فقال :طيب هلأ انت حتصيري تستخدمي غرفتي وانا حنام في غرفة علاء وخلينا نرتاح شوي وبعدين نطلع نشتري الاغراض اللي لازمتك .
فقالت:انا مش موافقة ..انا وانت بنام بنفس الغرفة .
فقال لها:بس شرط العجوز اني ما اشوف وجهك لمدة 09 يوم.
فقالت:طيب شو المشكلة ما انت مش راح تشوف وجهي ..!
فقال لها: كيف هاي بدها تصير مش مشكلة ...بدك امي تطربق البيت على رأسي؟
فردت مستفزة:اتطربق البيت هي على راسك احسن ما اطربقو انا على راسك الشرط واضح حتعيش معي ومش رايحين انام كل واحد منا في غرفة ..
استغرب فارس الطريقة التي تحدثت بها ياسمين ...ولكن زامور سيارة بالخارج دفعه ليقطع الحديث ويخرج ليرى مصدر الصوت..فوجد صديقه يقف على الباب بعد ان احضر السيارة وأتى ليتأكد ان كان فارس قد عاد بناء على طلب فارس بالليلة السابقة ...فرح صديق فارس لرؤيته ...
وامطره بعشرات الاسئلة وبطريقة لبقة طلب فارس منه ان يؤجل هذه الاسئلة وان يحتفظ بكل ما حدث سرا بينهم على ان يشرح له فارس القصة بعد ايام ...
وتحجج فارس بانه متعب ...ليتحاشى دعوة
صديقه للدخول الى البيت حتى لا يزيد الامور تعقيدا وخاصة ان رأى ياسمين ...
غادر صديق فارس دون ان يدخل المنزل ولم يكن راضيا عن استقبال فارس له .....
...عاد فارس الى المطبخ ولم يجد ياسمين هناك ووجدها في الغرفة تقوم بترتيبها ...دخل الغرفة وطلبت منه ياسمين ان يغلق الباب.
فقال لها فارس: بانه لا داعي لذلك فامه لن تتفهم اغلاق الباب وستبدأ بتفسير الامور بطرق مختلفة.
امالت ياسمين برأسها وقالت: انا قلتلك سكر الباب يعني سكر الباب وشوف لا تجنني بأمك كل شوي امي ..امي ..انا مش متجوزة امك انا متجوزيتك انت...خنقتني افهم...كل شوي امي مش مستوعبة ..امي مش مستحملة ..امي بتخاف وبلاش تفسر غلط..
انا شو خصني بأمك لا تنسى انو انا كمان عندي ام مش مستوعبة ومش راضية وتركتها زعلانة مني علشانك ..امك ححطها بعيوني بس لا تخليني اشعر انها احسن من امي ..افهم امك مش احسن من امي.
لم يستوعب فارس نوبات الغضب التي تمر بها ياسمين بين الحين والاخر بشكل مفاجيء ولم يعرف كيف يستطيع ان يحيا بوسط هذه التناقضات ...امه بمفاهيمها واسلوب حياتها الخاص وياسمين بغموضها ومفاهيمها الخاصة بها.
اقتربت ياسمين من فارس وقالت بلهجة هادئة وكأنها تعتذر عن الاسلوب السابق ..يا فارس انا ما بكره امك بالعكس انا بحبها بس كل ما بتذكر امي واختي وعتمة القبور ما بتمالك اعصابي.
لم يجب فارس بل بقي صامتا ..فقالت ياسمين:طيب يا فارس ارتاح انت ولما برجع بنحكي ..
فسألها: وعلى وين رايحه...
فقالت:رايحة اجيب اغراضي من بيتنا بتحب تيجي معي تعال..!
فقال: لا شكرا كثير بس كيف حتروحي...؟!
فقالت:بسيطة بوخذ سيارتك...يا بوخذ أي سيارة من الحارة وبروح فيها..
فقال:وحتطلعي قدام كل الجيران هيك..؟!
رمقت ياسمين فارس بنظرة حادة وسحبت مفاتيح السيارة من يده وخرجت مسرعة وما هي الا ثواني حتى ملأت الحارة بزامور متواصل اخرج الجيران الى الشارع وركضت ام فارس اليه...متمتمة "شايف المجنونة هاي شو بتعمل ..طالعة بسيارتك تشحط وتزمر ويلي مش شايف يشوف..انا قلتلك هاي البنت مش طبيعية.
فقال فارس:اسمعي هذا الي كاتبو الله ..هاي البنت بتجيلها حالات جنون ولازم نتحملها ...انا هلأ بدي انام اذا عرفت انام من اصلو وبعدين بنحكي وترك فارس امه وذهب للنوم وبينه وبين نفسه لم يكن مستغربا لو افاق ووجد ياسمين قد احضرت جرافة وبدأت بهدم البيت على رأسه فتصرفات ياسمين لا يمكن لاحد ان يتنباء بها..
.مرت ساعات وافاق فارس على رائحة باخور غريبة وفتح عينه ووجد ياسمين واقفة في الغرفة تقوم بترتيب مجموعة من الشموع ...
وعباءات وكفوف سوداء منتشرة هنا وهناك ..فرك فارس عينيه ليتأكد مما رآه فقد رآى عدة جماجم صغيرة كتلك التي رآها مع ياسمين في المرة الاولى للقائهما لم يتمالك فارس نفسه واخذ يضحك حينما تخيل لو ان امه تدخل الى الغرفة التي حولتها ياسمين الى مقبرة
وسألها: شو هذا يا ياسمين شو اليّ انت جابيته ...؟!
فقالت:اغراضي.. شو انت شايف اشي غريب ..؟!
فقال:ابدا هو في اشي غريب..ا
قتربت ياسمين من فارس كطفلة صغيرة وقالت له هامسة اطلع شوف شو حطتلك بغرفة الضيوف اشي بجنن وبؤخذ العقل بتعرف غير منظر الصالون كلو.
وما كاد فارس يسمع ما قالته ياسمين حتى تقهقه بأعلى صوته فقد تخايل ان ياسمين احضرت قبرا معها ووضعته في غرفة الضيوف ..
فقالت ياسمين لفارس:شو اليّ بضحكك ..؟!
فقال فارس: ابدا بس انا مبسوط ..
فقالت :طيب اطلع شوف وحكيلي رايك ...
خرج فارس وهو يضحك على المصيبة التي وقع فيها ...توجه فارس الى غرفة الضيوف وحينما دخلها فوجيء بما لم يكن يتوقعه ...
مجموعة من القطع الاثرية النادرة والتي يظهر انها قد صنعت قبل الاف السنين..وهي روعة بالجمال ..اخذ فارس يتفحصها ويلمسها بيديه وشرد بفكره :ان القطع التي يراها لا بد انها تساوي ثروة .
.دخلت ياسمين خلفه الى غرفة الضيوف وقالت له: شو رأيك مش قلتلك بو خذوا العقل...
تعال اورجيلك شو جبت لامك...وسحبته من جديد الى الغرفة وارته صندوق حينما فتحه كان مليئا بقلادات فضية وذهبية متنوعة صنعت بغاية من الدقة ورسوماتها تدل على امد طويل...واشارت ياسمين الى الطاولة بيدها ..
.لينظر فارس الى سيف من ذهب مرصع بالجواهر وقالت ياسمين لفارس: وهذا هدية لاخوك علاء انا شفت بغرفته معلق سيوف ..فظليت أدور حتى اخترتلو احلى سيف من عندنا..
تلعثم فارس ولم يدر ماذا يقول واخذ يتساءل هل تدرك ياسمين قيمة هذه الاشياء الحقيقية اما انها تجهل؟لا بد انها تدرك والا فكيف ادركت قيمة القطع الذهبية التي باعها في المرة الاولى...فسألها فارس :من اين احضرت هذه الاشياء يا ياسمين..؟!.
.فقالت:ببساطة في بيتنا عنا كثير كثير منها لو بدنا نعدهم ما بنقدر..
.بس امي دايما كانت تقول الي ولاختي انو ممكن ييجي يوم ونستفيد من هذه الاشياء ..وما عمرنا استخدمنا الا القطع الذهبية الصغيرة..
كنا لما نطلع من القبور انا او اختي ونصدف حد نشعر انو مليح كنا نعطيه قطعة او ثنتين.
فسأل فارس بطريقة لا شعورية: هو كم قطعة عندكم منها..؟!
فقالت:صناديق كثيرة ما عمرنا فكرنا نعدها...
فقال فارس لياسمين: انت عندك فكرة انك بتحكي عن ثروة ضخمة ؟
فقالت :بنعرف من زمان وانا قلتلك انو عندنا ذهب بشتري كل بلدكم ...بس بالنسبة النا كل هذا ما الو قيمة عندنا وما يلزمنا ولا عمرو ما راح يلزمنا.
فسأل فارس: طيب امك والعجوز ما عارضو لما انت طلعت الاغراض هاي من المقابر من بيتكم من محل ما جبتيها..؟
فقالت ياسمين:لأ ليش يعارضوا هاي اشياء ما الها قيمة واذا كانت ممكن تفيدني بره القبور ليش ما استخدمها؟
واخذت ياسمين تتحدث مع فارس وتقوم بتعليق وترتيب الاغراض التي احضرتها معها في الغرفة فتضع جمجمة هنا وجمجمة هناك وتصف الشموع والبخور وبعض القطع الفريدة التي ملأت بها الغرفة وغيرت شكلها ووضعت على نوافذ الغرفة ستائر قماشية حتى لا يتسلل النور اليها وفارس تارة يبتسم وتارة يحك رأسه وهو يراقب ياسمين وما تفعله ولم يكن ليتخيل نفسه انه سيستطيع ان يقضي ليلة واحدة في وسط هذا الجو الغريب الذي صنعته ياسمين ودعا الله ان لا تقرر ياسمين تحويل البيت كله بهذه الطريقة وتكتفي فقط بغرفته وتمنى لو انه يستطيع ان يقنع ياسمين بأخفاء الجماجم الصغيرة عن الانظار حتى لا يراها احد وبالأخص امه.
فقال لها محاولا ان لا يظهر اهتمامه بوجودها: بتعرفي يا ياسمين كل اشي في الغرفة هاي صار حلوبس الجماجم مش جاي في محلها ما بعرف يمكن انت شايفتيها حلوة بس شو رايك لو خبيناها في الخزانة؟
ضحكت ياسمين وقالت:انا عارف انك مش مرتاح لوجودها اول اشي انا قلتلك من زمان اذا بتذكر هاي مش جماجم هاي حجار وانا بتفاءل فيها وعلى فكرة هاي اغلى اشي عندي وهاي الوحيدة اللي الها قيمة عندي ليش انت مفكر انها جماجم؟
فقال فارس:علشان هي جماجم شكلها جماجم لونها جماجم بدك اسميها حجار وهي جماجم ؟
امسكت ياسمين بيدها احدى الجماجم وقالت : اتطلع عليها مليح عمرك شفت جمجمة بهالحجم؟
فقال فارس:ممكن تكون جمجمة لواحد راسو صغير كثير او لطفل...
يتبع......