( حجاب المرأة المسلمة ) للشيخ : ( محمد حسان )
حجاب المرأة المسلمة
دين الإسلام دين
متكامل، ومن مقاصده: الحفاظ على شرف الإنسان وعرضه؛ ولذلك فإن الإسلام قد
ضبط أمر الشهوة والغريزة الجنسية -التي أودعها الله في الإنسان- بالضوابط
الشرعية التي تراعي فطرة الإنسان، وتراعي أعراض الآخرين في الوقت ذاته،
ومن هنا حرم الله التبرج؛ لأنه يثير الغرائز، وربما أوقع في الفاحشة،
وأوجب الحجاب على المرأة صيانة لها، وحفاظاً عليها، وسداً لكل وسيلة تؤدي
إلى الوقوع في الفاحشة، وبهذا ضمن الإسلام صيانة الأعراض وطهارة المجتمع،
فعلى المسلمات الالتزام بالحجاب بشروطه الشرعية؛ لما في ذلك من المصلحة
العظيمة لهن وللمجتمع
أولاً: الحجاب لغةً وشرعاً: الحجاب: جمع حجب،
ومعناه لغةً: يدور بين الستر والمنع؛ لذا يقال للستر الذي يحول بين
الشيئين: حجاب؛ لأنه يمنع الرؤية بينهما، ولذا يقال لحجاب المرأة: حجاب،
وسمي حجاب المرأة حجاباً لأنه يستر المرأة عن الرؤية، ويمنع الرجال أن
ينظروا إلى المرأة. ......
لفظة الحجاب في القرآن الكريم
وردت لفظة الحجاب في القرآن في ثمانية مواضع، وكلها تدور حول معنى الستر وحول معنى المنع: قال الله جل وعلا في سورة الأعراف: وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ [الأعراف:46] أي: بينهما سور أو حاجز يمنع الرؤية.
وقال الله جل وعلا: حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ [ص:32] أي: حتى منعت هذه الخيول من الرؤية وأصبحت لا ترى.
وقال الله جل وعلا: فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابَاً [مريم:17]
أي: استترت مريم عليها السلام بستار عن أعين الرجال.
وقال الله جل وعلا: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] أي: من وراء ساتر أو حاجز أو حائل يمنع من رؤيتهن.
إذاً: فالحجاب يدور بين معنى الستر والمنع، فيُفهم المعنى الشرعي من هذه
المعاني اللغوية لحجاب المرأة المسلمة؛ لأنه الذي يحجب المرأة المسلمة عن
نظر الرجال الأجانب، وله صور متعددة: صورة الأبدان، وصورة الوجوه. أي:
حجاب الأبدان، وحجاب الوجوه. للمرأة أن تحتجب عن الرجال الأجانب ببيتها..
بجدران البيت.. بالستائر السميكة في داخل البيت. وللمرأة إذا خرجت أن
تحتجب بثيابها، من رأسها إلى قدمها إذا ما خرجت من بيتها لحاجة ضرورية،
لحاجة دينية أو لحاجة دنيوية، وهذا جائز في حقها، ولا إثم عليها لكن بشرط
لبس الحجاب الشرعي مع تغطية الوجه بالخمار أو النقاب، وهذا هو ما يسميه
علماؤنا بحجاب الوجوه، وهو الخمار.
معنى الخمار
يوجد خلط بين هذه المعاني عند كثير من الناس، فالخمار عندنا يُراد به
الطرحة التي تلبسها المرأة على رأسها، ويظهر منها الوجه، وهذا خطأ لغوي،
وهذا أيضاً يطلق على الحجاب عندنا، وقد ذكره بعض أهل العلم في كتبهم،
قالوا: الحجاب هو: الطرحة التي تلبسها المرأة على رأسها ويظهر منها الوجه،
وهذا خطأ لغوي، فانتبهوا معي لنتعرف على معنى الخمار، وعلى معنى النقاب
حتى نضع النقط على الحروف من بداية هذا اللقاء.
الخمار هو: ما تخمر به المرأة وجهها. من أين هذا الكلام؟! من كتاب الله جل
وعلا، ومن أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أقوال أئمة الهدى
ومصابيح الدجى عليهم رحمة الله.
يقول الله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31]
قال الحافظ ابن حجر إمام أهل الحديث رحمه الله تعالى في الفتح: في تعريف
الخمر: ومنه خمار المرأة، وهو الذي تخمِّر به المرأة وجهها. أي: تغطي به
المرأة وجهها.
وأعظم دليل على صحة هذا الكلام: ما ورد في صحيح البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها؛
وهل تريدون دليلاً أوضح من هذا؟! هل تريدون دليلاً أوضح من دليلٍ ورد في
حديثٍ رواه البخاري و مسلم من حديث أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؟!
أتدرون ماذا قالت أمنا رضي الله عنها في حادثة الإفك؟! ذكرت
السيدة عائشة أنها لما تخلفت عن الجيش ونامت جاء صفوان فوقعت عينه عليها،
وكان صفوان بن المعطل يعرف السيدة عائشة رضي الله عنها؛ لأنه كان قد رآها
مراراً قبل نزول آية الحجاب، فلما رآها صفوان وعرفها استرجع، أي: قال: إنا
لله وإنا إليه راجعون، رأى زوج نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم تخلفت عن
الجيش فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، تقول عائشة : (فلما رآني عرفني،
وكان يعرفني قبل الحجاب، فلما رآني استرجع -أي: قال: إنا لله وإنا إليه
راجعون- تقول عائشة رضي الله عنها: فاستيقظت باسترجاعه -أي: صحت سيدتنا
عائشة على قولته: إنا لله وإنا إليه راجعون- اسمع ماذا قالت أمنا رضي الله
عنها! قالت: فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي) (فخمرت
وجهي بجلبابي)
هذا هو معنى الخمار في حديث في الصحيحين، فماذا تريدون بعد ذلك من أدلة؟ قالت: (فخمرت وجهي بجلبابي. وفي رواية: فسترت وجهي بجلبابي).
ويؤكد ذلك أيضاً حديث فاطمة بنت المنذر رضي الله عنها تقول: كنا نخمر وجوهنا من الرجال في الإحرام مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها.
وحديثها رواه الإمام مالك في الموطأ ورواه الحاكم في المستدرك وقال الحاكم
: حديث صحيح على شرط الشيخين البخاري و مسلم ولم يخرجاه، وأقره الإمام
الذهبي .
إذاً: الخمار هو: ما تخمر به المرأة وجهها، أي: ما تغطي به المرأة وجهها.
معنى النقاب
النقاب هو: حجاب من وجوهٍ أيضاً، وسمي النقاب بالنقاب لوجود نقبين بمحاذاة
العينين، لتتعرف المرأة من خلال هذين النقبين على الطريق. ولكن ينبغي أن
أنبه هنا إلى أمر خطير، ألا وهو أن بعض المسلمات اللائي يلبسن النقاب قد
حولنه هو الآخر إلى مصدر فتنة وإغواء وإغراء! كيف ذلك؟
وسعت المرأة فتحة العين على وجهها فظهر من خلال هذه الفتحة حاجبها، وظهر
جزء كبير من وجنتيها، وهذه هي الفتنة بعينها، وليس معنى أن كثيراً من
النساء قد حولن النقاب إلى مصدر فتنة وإغراء وإغواء أن نقول بعدم شرعية
النقاب، فليس معنى أن يختل المسلمون في تطبيق أمر أو في تطبيق جزء شرعي أن
نلغي هذا الجزء، وإنما ينبغي أن يؤمر المسلمون بأن يردوا هذا الأمر إلى ما
أراده الله وإلى ما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجب على المرأة
التي انتقبت أن تظهر الفتحة لعينها على قدر الرؤية لتتعرف من خلالها على
الطريق، أما أن تتفنن في أن تظهر جمال عينها وقد امتلأت كحلاً، وامتلأت
جمالاً وفتنة وتأثيراً، وظهر حاجبها، وظهر جزء كبير من وجنتيها، وتدعي
أنها منتقبة، فإما أنها خادعة أو مخدوعة، فينبغي أن تتوب وأن ترجع إلى
الله جل وعلا وأن تتقي الله، وأن تعلم بأن الله يعلم خائنة الأعين وما
تخفي الصدور.
هذا هو الخمار، وهذا هو النقاب، وهذا هو معنى الحجاب.
إذاً: هناك حجاب للأبدان وللوجوه معاً: من وراء ستارة سميكة، أو من وراء جدار، كما قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
[الأحزاب:53] أو إذا خرجت المرأة من بيتها لحاجة دينية أو دنيوية فعليها
أن تلبس الثياب من رأسها إلى قدمها، وأن تغطي وجهها بالخمار أو النقاب،
بالشروط والضوابط التي أشرت إليها آنفاً.
بولا