الاختلاط لم يعد مسألة فقهية يسوغ فيها الخلاف إجمالا ، بقدر ما أصبح موقفا سياسيا ، يصنف الناس بناء عليه إلى متخلف ومنفتح ، واكتسبت المسألة منذ فترة قيمة رمزية ولائية يعد إسقاطُها إسقاطاً للتيار المتبني لها ، من هذه الجزئية، تأخذ مسألة الاختلاط عمقا إضافيا، وقيمة زائدة لدى الطائفة المؤيدة أو المعارضة وتعد المعركة فيها مفصلية بالنسبة لهم .. لأنه حين تسقط القيمة الرمزية يتساقط كل شيء بعد ذلك ..
ولي عدة وقفات مع ما حصل خلال الأيام الماضية
- في معركة التيار الديني والليبرالي لا يهم – في نظري- إقناع أحدهما بفكر الآخر لأن كلا الفريقين متأزم جداً ضد الآخر ولديه موقف مسبق لا يمكن أن يتغير ، لكن المهم هو من الذي يستطيع أن يفرض رأيه وأفكاره على عموم الشعب وبأي طريقة يفعل ذلك !
يفرض كل هذا، بمشاريعه ورؤيته الإستراتيجية التي تتجاوز مسألة التنظير وانتقاد مشاريع الآخرين، وأيضا بمدى سيطرته على وسائل التأثير الجماهيرية المتمثلة بشكل قوي في مناصب القرار وهذا ما تميز به الليبراليون وتفوقوا فيه ولا أدل من على ذلك من القرارات الحكومية في توظيف النساء وبطاقة الأحوال النسائية أو السماح لهن بالقيادة مستقبلا وهي أمور حارب التيار الديني ومازال يحارب من أجل إيقافها ولم يستطع ، كل هذه الأمثلة وغيرها تدل على أن الليبراليين يمارسون فرض أفكارهم ورؤاهم بشكل عملي ولا يبالون بأحد سواء رغب الشعب أو رفض ، ولا يستطيع التيار الديني مواجهة هذا لأن المواجهة هنا تعتبر مواجهة للحكومة ، ومواجهة الحكومة في نظرهم تعني دخول جهنم في لمح البصر !
إذ في نظرهم يمكن غفران كل شيء ما عدا انتقاد الحكومة والاعتراض على بعض قراراتها - ومعضلة التباس عصيان ولي الأمر بنقده ، وطاعته بالعبودية له معضلة ليست جديدة لديهم – .
لذا نجد استعداء الحكومة الرخيص من بعض رموز التيار الليبرالي على الشيخ الشثري الذي قال كلاما خجولا ، الجملُ الاحترازية فيه أكثر من الكلام ذاته، لأنهم يعرفون أن المشايخ ينجحرون عن هذه المسألة .
- لماذا ينتظر التيار الديني مشاريع الليبراليين – عموما – ثم يبدي وبشكل خجول رأيه المعارض في نقطة بسيطة !
أين منهم – إلا قلة – من يملك رؤية ومشروعا حضاريا يتبناه ؟!
لم تتغير إستراتيجيتهم من زمن .. إستراتيجيةُ ردةِ الفعل .. ألم يستوعب المتدينون بعد – بمشايخهم وعلمائهم – ، أنه غير مُبالى بهم وباعتراضاتهم كثيرا ، وهم لا يملكون أية ورقة ضغط تحفظ ماء وجههم ورأيهم!
وأن الحكومة فقط تمارس طريقة الإرضاء أي (تسكيت المشايخ) !
لأنهم يعرفون أن حضرات المشايخ لا يمكن أن تتجاوز ردود أفعالهم مجرد الكلام ، والكلام الخائف المتردد ، فبالتالي لا يوجد أي مبرر للاستجابة لآرائهم ، لأنهم لا يملكون من الأمر شيئاً ..
ولا أدل على هذا من إقالة الشثري .. وصمت المشايخ – هيئة كبار العلماء – على هذا القرار !
وهو بادرة – ليست الأولى ولا الأخيرة – تدل على أن حكومتنا القديرة وولاة أمرنا يحترمون المشايخ جداً و تهمهم جداً حرية الرأي ، وأن التعامل بيننا وبينهم كالتعامل بين المدرس والتلميذ فأي طالب مزعج أو شيخ ليس جبانا جداً ، يقال له : اطلع برة الفصل ياولد .. أو : أنت مُقال يا فسيلة الشيخ !
فكثير من المشايخ يقاتلون في معركة اليوم بأسلحة الأمس .. يواجهون المشاريع المدروسة المخططة بالخطابات والبيانات .. ويعترضون على الأفكار المنهجية المؤسسة المنظمة .. بحقنة مقالات عاطفية ..
بل يظن بعضهم فعلا أن الله نصر الشيخ الشثري في هذه المشكلة !
فالليبراليون أرادوا أن يسقطوه فرفعه الله !
وأصبح رمزا !!! رمزا لماذا !؟
رمزا للعالم الموظَّف !؟ الذي لم يملك من أمره شيئا حين أُقيل .. كأي موظف آخر !
وراحت هيبة العلماء أدارج الإقالات ..
حتى الهزائم نعرضها في صورة النصر هربا من حقيقة مرة .. وهي الاعترافُ بأن علماءَ اليوم .. لا يهِـشُّـون ولا ينِـشُّـون .. بل مجرد ظاهرة صوتية .. أو مقالية .. أو بيانية – من البيانات التي يتفنون في عرضها لا من البيان- .
بل العجيب أنه يتم تصوير مشايخنا لنا بصورة العلماء المستقلين فكريا ، ويتم التعامل معهم من الجهة الأخرى بصورة الموظف تماما !
الموظف غير الحر ، الذي يُرسم له طريق لا يحيد عنه !
فيخضع الشعب للعلماء .. ويتم استعباد العلماء في الجهة الأخرى وهي الرابحة فقط !
ما أود توضيحه أن يعيد كثير من المشايخ نظرته للطريقة التي يتصرفون بها تجاه هذه الأزمات - إن كانت كذلك- وأن يكونوا أكثر عملية في أفعالهم لا مجرد معترضين أو مشككين ، وأن يمتلكوا العقلية السياسية والواقعية ، ويرتفعوا بوعيهم لدرجة يصعب معها خداعهم.. ودرجة من الشجاعة يصعب معها إخضاعهم ..
إن ما سيأتي سيكون أسوأ بلا شك وأكثر عنفا على أراء المشايخ ومكانتهم ومبادئهم وما ملامح التطبيع المشروط مع إسرائيل إلا إرهاصات توحي لنا بأن العلماء إن لم يكونوا أكثر شجاعة وذكاء فإنهم سيكونون مجرد زينة، ويصبحون مسخرة وأحاديثا .. وتُمـَزق هيبتهم كلَّ ممزق ..
فمن أين أتت لنا تلك المقولة التهكمية : فتوى بفرخة .. إلا حينما وصل العلماء درجة من العبودية ومن رخص الضمير ، لا مثيل لها ومنزلةً من الاستماتة في رضا ولي الأمر مقدَّما على كل شيء حتى رضا الله !
والعلماء أولى الناس بأن لا يستعبدهم ويقيد حرية كلامهم أحد .. فهم صمام أمان للمجتمع ودينه .. لا صمام أمان للحكومات !
وغدا ربما نسمع .. فتوى ببشت ..
وقد أخذ الله الميثاق عليهم ، فأين علماء اليوم من هذا !
ولي عدة وقفات مع ما حصل خلال الأيام الماضية
- في معركة التيار الديني والليبرالي لا يهم – في نظري- إقناع أحدهما بفكر الآخر لأن كلا الفريقين متأزم جداً ضد الآخر ولديه موقف مسبق لا يمكن أن يتغير ، لكن المهم هو من الذي يستطيع أن يفرض رأيه وأفكاره على عموم الشعب وبأي طريقة يفعل ذلك !
يفرض كل هذا، بمشاريعه ورؤيته الإستراتيجية التي تتجاوز مسألة التنظير وانتقاد مشاريع الآخرين، وأيضا بمدى سيطرته على وسائل التأثير الجماهيرية المتمثلة بشكل قوي في مناصب القرار وهذا ما تميز به الليبراليون وتفوقوا فيه ولا أدل من على ذلك من القرارات الحكومية في توظيف النساء وبطاقة الأحوال النسائية أو السماح لهن بالقيادة مستقبلا وهي أمور حارب التيار الديني ومازال يحارب من أجل إيقافها ولم يستطع ، كل هذه الأمثلة وغيرها تدل على أن الليبراليين يمارسون فرض أفكارهم ورؤاهم بشكل عملي ولا يبالون بأحد سواء رغب الشعب أو رفض ، ولا يستطيع التيار الديني مواجهة هذا لأن المواجهة هنا تعتبر مواجهة للحكومة ، ومواجهة الحكومة في نظرهم تعني دخول جهنم في لمح البصر !
إذ في نظرهم يمكن غفران كل شيء ما عدا انتقاد الحكومة والاعتراض على بعض قراراتها - ومعضلة التباس عصيان ولي الأمر بنقده ، وطاعته بالعبودية له معضلة ليست جديدة لديهم – .
لذا نجد استعداء الحكومة الرخيص من بعض رموز التيار الليبرالي على الشيخ الشثري الذي قال كلاما خجولا ، الجملُ الاحترازية فيه أكثر من الكلام ذاته، لأنهم يعرفون أن المشايخ ينجحرون عن هذه المسألة .
- لماذا ينتظر التيار الديني مشاريع الليبراليين – عموما – ثم يبدي وبشكل خجول رأيه المعارض في نقطة بسيطة !
أين منهم – إلا قلة – من يملك رؤية ومشروعا حضاريا يتبناه ؟!
لم تتغير إستراتيجيتهم من زمن .. إستراتيجيةُ ردةِ الفعل .. ألم يستوعب المتدينون بعد – بمشايخهم وعلمائهم – ، أنه غير مُبالى بهم وباعتراضاتهم كثيرا ، وهم لا يملكون أية ورقة ضغط تحفظ ماء وجههم ورأيهم!
وأن الحكومة فقط تمارس طريقة الإرضاء أي (تسكيت المشايخ) !
لأنهم يعرفون أن حضرات المشايخ لا يمكن أن تتجاوز ردود أفعالهم مجرد الكلام ، والكلام الخائف المتردد ، فبالتالي لا يوجد أي مبرر للاستجابة لآرائهم ، لأنهم لا يملكون من الأمر شيئاً ..
ولا أدل على هذا من إقالة الشثري .. وصمت المشايخ – هيئة كبار العلماء – على هذا القرار !
وهو بادرة – ليست الأولى ولا الأخيرة – تدل على أن حكومتنا القديرة وولاة أمرنا يحترمون المشايخ جداً و تهمهم جداً حرية الرأي ، وأن التعامل بيننا وبينهم كالتعامل بين المدرس والتلميذ فأي طالب مزعج أو شيخ ليس جبانا جداً ، يقال له : اطلع برة الفصل ياولد .. أو : أنت مُقال يا فسيلة الشيخ !
فكثير من المشايخ يقاتلون في معركة اليوم بأسلحة الأمس .. يواجهون المشاريع المدروسة المخططة بالخطابات والبيانات .. ويعترضون على الأفكار المنهجية المؤسسة المنظمة .. بحقنة مقالات عاطفية ..
بل يظن بعضهم فعلا أن الله نصر الشيخ الشثري في هذه المشكلة !
فالليبراليون أرادوا أن يسقطوه فرفعه الله !
وأصبح رمزا !!! رمزا لماذا !؟
رمزا للعالم الموظَّف !؟ الذي لم يملك من أمره شيئا حين أُقيل .. كأي موظف آخر !
وراحت هيبة العلماء أدارج الإقالات ..
حتى الهزائم نعرضها في صورة النصر هربا من حقيقة مرة .. وهي الاعترافُ بأن علماءَ اليوم .. لا يهِـشُّـون ولا ينِـشُّـون .. بل مجرد ظاهرة صوتية .. أو مقالية .. أو بيانية – من البيانات التي يتفنون في عرضها لا من البيان- .
بل العجيب أنه يتم تصوير مشايخنا لنا بصورة العلماء المستقلين فكريا ، ويتم التعامل معهم من الجهة الأخرى بصورة الموظف تماما !
الموظف غير الحر ، الذي يُرسم له طريق لا يحيد عنه !
فيخضع الشعب للعلماء .. ويتم استعباد العلماء في الجهة الأخرى وهي الرابحة فقط !
ما أود توضيحه أن يعيد كثير من المشايخ نظرته للطريقة التي يتصرفون بها تجاه هذه الأزمات - إن كانت كذلك- وأن يكونوا أكثر عملية في أفعالهم لا مجرد معترضين أو مشككين ، وأن يمتلكوا العقلية السياسية والواقعية ، ويرتفعوا بوعيهم لدرجة يصعب معها خداعهم.. ودرجة من الشجاعة يصعب معها إخضاعهم ..
إن ما سيأتي سيكون أسوأ بلا شك وأكثر عنفا على أراء المشايخ ومكانتهم ومبادئهم وما ملامح التطبيع المشروط مع إسرائيل إلا إرهاصات توحي لنا بأن العلماء إن لم يكونوا أكثر شجاعة وذكاء فإنهم سيكونون مجرد زينة، ويصبحون مسخرة وأحاديثا .. وتُمـَزق هيبتهم كلَّ ممزق ..
فمن أين أتت لنا تلك المقولة التهكمية : فتوى بفرخة .. إلا حينما وصل العلماء درجة من العبودية ومن رخص الضمير ، لا مثيل لها ومنزلةً من الاستماتة في رضا ولي الأمر مقدَّما على كل شيء حتى رضا الله !
والعلماء أولى الناس بأن لا يستعبدهم ويقيد حرية كلامهم أحد .. فهم صمام أمان للمجتمع ودينه .. لا صمام أمان للحكومات !
وغدا ربما نسمع .. فتوى ببشت ..
وقد أخذ الله الميثاق عليهم ، فأين علماء اليوم من هذا !